Selasa, 03 Juni 2008

artikel1

دور اللغة العربية في تكوين مفردات اللغة الإندونيسية
بقلم: مُهَـيْبَان (1)
الملخص
أنزل الله القرآن عربيا. ومع نزوله باللغة العربية ارتفع شأنها وزاد الاهتمام بها لخدمة الدين الإسلامي ولغرض فهم القرآن الكريم المنزل بها. فسادت اللغة العربية وانتشرت في البلاد العربية والإسلامية. وهي الثانية أو الثالثة بعد الإنجليزية والفرنسية من حيث سعة الانتشار في الأقطار. فضلا عن ذلك فهي لغة دينية لألف مليون مسلم. ومن ناحية أخرى فإن للغة العربية فضلا كبيرا في نشر الفكر الإسلامي والثقافة الإسلامية في كل مكان بل وكانت تؤثر في اللغة المحلية واللغة القومية مثل اللغة الإندونيسية حيث تساهم بدور هام وفعّال في تكوين مفردات تلك اللغة القومية. وإنه لمن الجدير بأن يعرف مجتمع العالم كل هذا الدور الرائد حتى يرجع عليهم المزيد من النفع. هناك عوامل كثيرة أدّت إلى تكوين مفردات اللغة الإندونيسية الجديدة منها سدّ حاجة اللغة الإندونيسية إلى تغطية قصور المفردات، وإلى توفير مفهوم المفردات معنويةً، وإلى مصطلحات معينة، وإلى تحسين التعبير. وتصرفت معاني اللغة العربية بعد دخولها إلى اللغة الإندونيسية لعوامل كثيرة أهمها العوامل اللغوية، والعوامل التاريخية، والعوامل الاجتماعية، والعوامل السيكولوجية.
المقدمة
إن اللغة العربية لغة مهمة عند المسلمين إذ أنها لغة القرآن الكريم والأحاديث الشريفة. قال الله تعالى: إنّا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون(2) وقال: كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعقلون(3) وقال أيضا: وإنه لتنزيل رب العالمين، نزل به الروح الأمين، على قلبك لتكون من المنذرين، بلسان عربي مبين (4). فمع نزول القرآن باللغة العربية ارتفع شأنها وزاد الاهتمام بها لخدمة الدين الإسلامي ولغرض فهم القرآن الكريم المنزل بها. فسادت اللغة العربية وانتشرت في البلاد العربية والإسلامية. ومما يدل على عالمية هذه اللغة أنها سائدة في كثير من بلدان العالم ودخلت المنظمات الدولية وكتبت بها الصحف والنشرات في العالم وتكلمت بها الإذاعات العديدة وفُتح لتعليمها كثير من المدارس والجامعات والمعاهد في أنحاء العالم كله. وهي الثانية أو الثالثة بعد الإنجليزية والفرنسية من حيث سعة الانتشار في الأقطار. فضلا عن ذلك فهي لغة دينية لألف مليون مسلم. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن للغة العربية فضلا كبيرا في نشر الفكر الإسلامي والثقافة الإسلامية في كل مكان، بل وكانت تؤثر في اللغة المحلية واللغة القومية، حيث تساهم بدور هام وفعّال في تكوين مفردات تلك اللغة القومية. وإنه لمن الجدير بأن يعرف مجتمع العالم كل هذا الدور الرائد حتى يرجع عليهم المزيد من النفع.
إن إندونيسيا بلاد مسلمة كبيرة ومعظم سكانها يدينون بالإسلام. بل قيل أن إندونيسيا أكثر بلاد العالم مسلما. هم يتعلمون اللغة العربية إما للأغراض الدينية وإما للأغراض المهنية. فهذا البحث وصف مختصر وإخبار موجز للقرّاء الأعزاء لما في اللغة العربية بهذه البلاد من تاريخها وتطورها ودورها في تطوير لغة الأم (اللغة الإندونيسية) وطرق تعليمها بين أبناء الوطن في المدارس والمعاهد والجامعات.
ومن أغراض هذا الوصف وذاك الإخبار تعريف سادة القراء الأعزاء بأحوال اللغة العربية بإندونيسيا وجميع حقائقها الموجودة راجيا منهم الاهتمام بتلك والمشاركة مع المسلمين الإندونيسيين في مدّ يد المساعدة في إحياء اللغة العربية والثقافة الإسلامية بإندونيسيا.
لم يعهد لباحث -حسب معرفتي- أن بَحَثَ في هذا الموضوع بحثا تخصصيا كما لم يسبق أن نُشر مثل هذا الموضوع في هذه المجلة الدورية الغراء. فأود المساهمة في ذلك - مستعينا بالله - راجيا أن يرجع نفع البحث على إحياء اللغة العربية لاسيما في البلاد التي نطق أهلها بغير اللغة العربية. والله أسال أن يجعل هذا العمل المتواضع خالصا لوجهه الكريم.
وبناء على ذلك كله أعددت هذا البحث المتواضع مستلهما من الله التوفيق والسداد.
لمحة تاريخية عن اللغة العربية بإندونيسيا
تطوُّر اللغة العربية وتعليمها بإندونيسيا يجريان مجرى تطور الزمان والعصور. ويرجع تاريخ تطورهما إلى العصور الأولى من دخول الإسلام في هذه البلاد العظيمة، وذلك بين القرن السابع والثامن الميلادي . فقد بلغت اللغة العربية بإندونيسيا حتى الآن الحادية عشرة قرنا من العمر(1). وعاشت خلال هذه العصور الطويلة بما لديها من التقدم والانحطاط. عهد للغة العربية أن تصل إلى ازدهارها الباهر وأصبحت لغة التعبير الثقافي لقبائل هذه البلاد المسلمة. وكانت لها دورها يُذكر في الحياة الثقافية والاجتماعية إلى أن ثارت الحرب العالمية الأولى. فالمستعمرون الهولنديون يحاولون إلى محو الأحرف الهجائية العربية من التقاليد العلمية المدرسية الإندونيسية ويبدّلونها بالأحرف اللاتينية. وهم يحاولون أيضا إلى تقصير دور اللغة العربية في حياة الشعب الإندونيسي نظاميا.
وفي ذلك العصر الاستعماري الهولندي وصلت اللغة العربية إلى انحطاطها حتى لم تُدرس هذه اللغة إلا في المعاهد التقليدية المقصورة. وأهداف تعليم اللغة العربية في هذه المعاهد التقليدية تقتصر على فهم الكتب الدينية فحسب - وذلك عن طريق الترجمة - ولم تتوسع إلى إكساب الدارسين مهارة الاستماع ولا مهارة الكتابة ولا مهارة الكلام.
وتغيرت هذه الأحوال متماشية مع حركة التجديد الجارية في المعاهد التقليدية المبتدئة في الثلاثينات وذلك بإدخال العلوم الرياضية والطبيعية والجغرافية واللغة الإنجليزية في المناهج الدراسية للمعاهد. وتُدرس فيها اللغة العربية بطرق حديثة ولأِغراض شاملة بصفتها لغة الاتصالات. ولكن الأسف أن حركة التجديد هذه لا تجري على ما يرام إذ أن المعاهد التقليدية عامة تتمسك بالتقاليد القديمة تمسكا قويا يُصعبها على قبول محاولة التجديد.
ولم تجر محاولة التجديد لتعليم اللغة العربية فعّاليةً إلا في أواسط السبعينات. وقد ذاع صيت هذه المحاولة التجديدية إلى أنحاء البلاد ونالت إقبالا حسنا من جميع أبناء الشعب. وذلك لأن المحاولة تحت إشراف الحكومة أي وزارة الشؤون الدينية ويؤيّدها خبراء اللغة العربية والجامعيون. وأولدت هذه المحاولة فيما بعد عدّة مَعامل لغوية في الجامعات الإسلامية الحكومية إضافة إلى تعيين طريقة الوِحْدَة وتقريب السمعية الشفوية في تعليم اللغة العربة إما في الجامعات وإما في المدارس. وفي نفس الوقت جرى تجديد تعليم اللغة العربية في المؤسسات التربوية التابعة لوزارة التربية والثقافة إما في الجامعات وإما في المدارس الثانوية.
وفي أواسط هذه الحماسة التجديدية أُسّس بجاكرتا معهد تعليم اللغة العربية التابع لجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية برياض المملكة العربية السعودية، وذلك سنـة 1981م. والمعهد - المعروف اليوم بمعهد العلوم الإسلامية والعربية- أصبح عاملا من عوامل حركة التجديد لتعليم اللغة العربية بإندونيسيا إلى اليوم. لقد قام المعهد بدور رياديّ في الإشراف على كثير من أقسام اللغة العربية في الجامعات الإندونيسية، وإعداد المناهج الدراسية لها، وإعداد مدرسي اللغة العربية، وإقامة الدورات الشرعية واللغوية، كما شارك ونظم مجموعة من المؤتمرات التي تعني بتعليم الدين الإسلامي واللغة العربية في إندونيسيا والدول المحيــطة بها (1).
موقف اللغة العربية في سياسة اللغة القومية الإندونيسية
سياسة اللغة القومية الإندونيسية هي سياسة قومية تتضمن على التوجيهات والتخطيطات والقرارات التي يسير عليها تدبير جميع المسائل اللغوية والأدبية بإندونيسيا. هذه المسائل بأسرها أصبحت شبكة المسائل المشتملة على : (1) مسألة اللغة الإندونيسية وأدبها،
(2) مسألة اللغة الإقليمية وأدبها، و(3) مسالة اللغة الأجنبية وأدبها بإندونيسيا.
هذه السياسة اللغوية رسمتها ندوة علمية في سياسة اللغة القومية أقامها مركز تنمية اللغة الإندونيسية في الفترة من الثامن إلى الثاني عشر من نوفمبر 1999م بمدينة بوغور بجاوى الغربية. وإن سياسة اللغة القومية لها موقفها الاستراتيجي بصفتها أساسا ومبدأ لتنمية اللغة القومية واللغة الإقليمية واللغة الأجنبية.
وفي رسوم سياسة اللغة القومية سنة 1999م هذه كانت اللغة العربية لها مكانتها العالية بخلاف ما كان في رسوم السنة 1975م حيث لا تُذكر فيها اللغة العربية أصلا. وفيما يتعلق بموقف ووظيفة اللغات الأجنبية - في جملتها اللغة العربية- ذُكر في رسوم السنـة 1999م من سياسة اللغة القومية أن من وظائف اللغات الأجنبية هي: (1) آلة للاتصالات بين الأمم والبلاد، و(2) وسيلة من وسائل الاستفادة من العلوم والتكنولوجيا لأغراض البناء القومي. واللغات الأجنبية المعينة لها وظائفها الخاصة. فاللغة العربية لغة الإسلام والثقافة الإسلامية(1).
وفيما يتعلق بتعليم اللغة العربية ذُكر في رسوم سياسة اللغة القومية سنة 1999م ما يلي:
(1) اللغة العربية تُدرس في المدارس الإسلامية –حكومية كانت أم أهلية- بصفتها درسا مقررا رأسيا.
(2) وفي المدارس الأخرى غير الإسلامية تُدرس اللغة العربية بصفتها درسا اختياريا للمستوى الثانوي.
(3) وللمستوى الجامعي تُدرس اللغة العربية بصفتها مادة للمحاضرة(2).
بالنظر إلى ما سبق ذكره من موقف اللغة العربية ووظيفتها عرفنا أن اللغة العربية بإندونيسيا لها دورها البارز. لاسيما أنها لغة مقرَّرة في جميع المستويات الدراسية من الابتدائية حتى الجامعة. بل وإنها تُدرس في بستان الأطفال منذ السنوات الأخيرة. إضافة إلى ذلك نشأت في المجتمع المعاهدُ المسائية حيث تُدرس فيها اللغة العربية لأغراض خاصة.
تعليم اللغة العربية بإندونيسيا
يتنوّع تعليم اللغة العربية بإندونيسيا اليوم تنوعا كثيرا إما من ناحية الأغراض وإما من ناحية طرق التدريس المستخدمة. وفيما يلي تفاصيل ذلك(3)):
أولا، تعليم اللغة العربية لفظيا. يهدف هذا النوع من التعليم إلى إكساب الدارسين مهارة قراءة القرآن وأدعية الصلاة وعامة الأدعية دون معانيها. وجرى التعليم في أُسَر المسلمين والمساجد والمصليات والمدارس الدينية والمدارس القرآنية للأطفال. وأساسًا على إحصائيات السنة 1990م، بلغ عدد المدارس الدينية في البلاد 16680 مدرسة بعدد تلاميذها 2479372 تلميذا. وطريقة التـدريس المستخدمة فيها هي طريقة الحفظ. ولتدريس الأحرف الهجائية تُستعمل طريقة الهجاء. رغم أن هذا النوع من التعليم جرى منذ زمن بعيد ولكنه حتى الآن مازال ينال إقبالا حسنا من المجتمع لما فيه من المنافع الكبيرة.
وفي السنة ثمانينات تطّور في المجتمع ما يسمى بالطريقة الصوتية التحليلية التركيبية في تعليم قراءة القرآن. ونمت حماسة المسلمين في تعلم القرآن الكريم بهذه الطريقة. ولا يقتصر ذلك على الأطفال والشباب بل يتسع إلى الآباء والأمهات في القرى والمدن.
ثانيا تعليم اللغة العربية الذي يهدف إلى معرفة العلوم الدينية وتعمقها. جرى هذا النوع من التعليم في المعاهد الدينية السلفية التي بلغ عددها – على إحصائيات السنة 1990م - 6795 معهدا وعدد طلابها 1629739 طالبا(1).
وطرق التدريس المستخدمة في تلك المعاهد السلفية هي طريقة القواعد والترجمة حيث أنتجت هذه الطريقة طلابا يقدرون على قراءة كتب عربية معينة محدودة واستيعاب قواعد لغوية مقصورة. وفي هذه السنوات الأخيرة كثير من المعاهد السلفية تبدأ تُطوّر طرق التدريس العصرية دون ترك ما لديها من الطرق القديمة.
ثالثا، تعليم اللغة العربية الذي يهدف إلى إكساب الدارسين مهارات لغوية لا سيما مهارة التعبير الشفوي والتحريري. وللوصول إلى هذا الهدف فطريقة التعليم المستخدمة هي الطريقة المباشرة. هذا النوع من التعليم تُعدّ خطوة من خطوات التجديد التي أقامتها المعاهد العصرية منذ ثلاثينات. ومن قوَّاد هذا التجديد الشيخ محمود يونس في سومطرة والشيخ إمام زركشي مدير معهد غنطور العصري بجاوى الشرقية. وفيما بعد لا يقتصر هذا النوع من التعليم على استعمال الطريقة المباشرة بل يتابع حركات التجديد الجارية في مجال تعليم اللغات كاستعمال الطريقة السمعية البصرية والطريقة الاتصالية الظاهرة في هذه الأيام الأخيرة. وأغراض هذا النوع من التعليم لا تقتصر على إكساب الدارسين مهارة الكلام والكتابة فحسب، بل كذلك المهارات اللغوية الأربع بشكل متوازن.
رابعا، تعليم اللغة العربية المعتمد على المنهج الذي قررته الحكومة وذلك يجري للمستوى القومي من المدارس الابتدائية الإسلامية حتى المدارس الثانوية العامة والإسلامية. وأصبحت اللغة العربية درسا مقررا واجبا لجميع المداس الإسلامية. وإحصائيات السنة 1990م سجّلت أن عدد المدارس الإسلامية، حكومية كانت أم أهلية كما يلي.
جدول عدد المدارس الإسلامية بإندونيسيا سنة 1990م(1)
المدارس الثانوية الإسلامية
المدارس المتوسطة الإسلامية
المدارس الابتدائية الإسلامية
الأهلية
الحكومية
الأهلية
الحكومية
الأهلية
الحكومية
2027
381
6329
452
21320
442
وأساسا على المنهج الدراسي لتلك المدارس فالطريقة المقترحة لتعليم اللغة العربية فيها هي الطرقة السمعية الشفوية والطريقة الاتصالية.
خامسا، تعليم اللغة العربية للأغراض التأهيلية والمهنية. جري هذا النوع من التعليم في أقسام اللغة العربية وأدبها بالجامعات، سواء أكانت الجامعة تابعة لوزارة الشؤون الدينية أم وزارة التربية الوطنية. ويهدف التعليم إلى إنتاج الخريجين المتأهلين في اللغة العربية وأدبها كما يهدف إلى إنتاج المدرسين المهنيين في حقل اللغة العربية. والطريقة المستعملة في التدريس هي الطريقة السمعية الشفوية والطريقة الاتصالية.
إن أقسام اللغة العربية وأدبها بالجامعات في إندونيسيا لها دورها الفعّالي في تطوير اللغة العربية بما عملته من البحوث العلمية والابتكارات والتجديد إما من ناحية المنهج الدراسي والمواد الدراسية والطرق التدريسية وإما من ناحية المعينات التدريسية.
سادسا، تعليم اللغة العربية للأغراض الخاصة الذي أقامته المعاهد المسائية. مثلا: اللغة العربية للحج وللسياحة وللتجارة والصناعة، وللعمّال الإندونيسيين العاملين في بلاد العرب. ومن أغراض التعليم تزويد الدارسين المهارة اللغوية التي يحتاجون إليها في مجال أعمالهم.
دور اللغة العربية في تكوين مفردات اللغة الإندونيسية
إن اللغة العربية إحدى اللغات العالمية التي لها تاريخها المديد في التقاليد العلمية. وقد كانت اللغة العربية منذ زمن بعيد لغة التعبير للكيمياء والجبر والطب والفلسفة والفلق. وللغة العربية مساهمتها العظيمة في تكوين المصطلحات للغات الأجنبية وحتى اللغة الإنجليزية. واعترف بذلك أييرس (Ayers) أحد خبراء اللغة الإنجليزية من أمريكا حيث قال أن اللغة العربية ساهمت كثيرا في المصطلحات الإنجليزية مثل: cotton, admiral, syrup, assassin .algebra, alcohol, alkali (1) .
هذه الحقيقة دليل على أن للغة العربية مساهمة كبيرة في اللغة الإنجليزية ويعترف بذلك خبرائها، بل وقال أييرس ((Ayers أن تلك المفردات قد كانت موجودة في التقاليد العلمية العربية قبل أن يعرفها الغرب ببعيد.
وإن العلاقة بين اللغة الإندونيسية واللغة العربية جرت منذ أمد بعيد عندما كانت اللغة
الإندونيسية معروفة باللغة الملايووية. وكانت اللغة العربية دخلت في اللغة الملايووية/ الإندونيسية عن طريق المصطلحات الدينية التي استعملها تجارالعرب والفرس(2).
الأسباب التي يرجع إليها تكوين مفردات اللغة الإندونيسية الجديدة
هناك عوامل كثيرة لغويةً كانت أم اجتماعيةً أدّت إلى تكوين مفردات اللغة الإندونيسية الجديدة. وفيما يلي تفاصيل تلك العوامل.
سدّ حاجة اللغة الإندونيسية إلى تغطية قصور المفردات
إن من أسباب استعارة مفردة من لغة أجنبية معينة وجودَ مفردات جديدة في تلك اللغة الأجنبية بحيث لا تتمكّن اللغة المستعيرة من تعبير هذه المفردات الجديـدة بمفرداتها(1). وذلك ما يكون في اللغة الإندونيسية. فنضرب مثلا كلمات إندونيسية: دنيا، حرام، مخلوق، عدل، قربان وما إلى ذلك مستعارة من اللغة العربية. وتكون هذه الاستعارة لقصور مفردات اللغة الإندونيسية على تعبير الفكرة التي تتضمنها الكلمات. وهذه الكلمات العربية ليس لها ترادفها في اللغة الإندونيسية.
سد حاجة اللغة الإندونيسية إلى توفير مفهوم المفردات معنويةً
هناك سبب آخر ترجع إليه استعارة المفردات الإندونيسية من اللغة العربية وهو قصور معاني مفردات إندونيسية معينة. ولتغطية هذه القصور استعارت اللغة الإندونيسية مفردات معينة من اللغة العربية. والمفردات المستعارة من اللغة العربية وليس لها ترادفها المناسب في اللغة الإندونيسية مثل كلمة "إيمان"/iman و "تقوى" / taqwa. تستعمل الكلمة "إيمان" في اللغة الإندونيسية بدلا من كلمة percaya وهي الثقة والكلمة "تقوى" بدلا من كلمة takut معناها الخوف. كلمة الإيمان و التقوى في اللغة العربية لهما معنى خاص لا تقابلها المفردات الإندونيسية ولا تقوم مقامهما الكلمة الإندونيسية التي معناها الثقة و الخوف. فالإيمان نقيض الكفر وهو تصديق مطلقا. والإيمان قول باللسان وإقرار بالقلب وعمل بالجوارح. والثقة لا يتسع معناها إلى ذلك. وأما مفهوم التقوى فالامتثال بأوامر الله والامتناع عما نهى الله عنه. والكلمة الإندونيسية التي معناها الخوف لا تتضمن تلك المعاني الواسعة.
سدّ حاجة اللغة الإندونيسية إلى مصطلحات معينة
إن المفردات العربية التي استعارتها اللغة الإندونيسية في أول الأمر هي المفردات المستعملة في النشاطات الدينية ثم يتسع استعمالها فيما بعد إلى المفردات العامـة (1). وكذلك المصطلحات الخاصة في السياسة على سبيل المثال. هناك مفردات عربية استعارتها اللغة الإندونيسية سداً لحاجتها إلى المصطلحات المناسبة وأصبحت مفردة إندونيسية مثل: مشاورة، وكيل، مجلس، ديوان، حكمة، ورعيّة. ومثال آخر في المصطلحات التربوية مثل: مدرسة، كتاب، دفتر، كلية، مريد، وفندق.
سدّ حاجة اللغة الإندونيسية إلى تحسين التعبير
هناك علة أخرى في استعارة اللغة وهي تحسين التعبير. ظهرت في اللغة الإندونيسية مفردات عربية استعملها الإندونيسيون بدلا من المفردات الإندونيسية الموجودة التي يعدّها بعضُهم غيرَ صالحة للتعبير. فيستعملون هذه المفردات العربية رغبة في تحسين التعبير(2). ومثال ذلك: كلمة "حامل" بدلا من bunting وكلمة "جنازة" بدلا من bangkai وكلمة "عورة" بدلا من kelamin .
اندماج اللغة العربية في اللغة الإندونيسية
إن اندماج اللغة العربية في اللغة الإندونيسية يرتبط ارتباطا قويا بدخول الإسلام وتطوره في إندونيسيا. حيث أن معظم المفردات العربية الداخلة في اللغة الإندونيسية في أول الأمر تتعلق بالمصطلحات الدينية مثل: نبيّ، رسول، ملائكة، كتاب، عمل، صدقة، معصية، صلاة، حرام، حلال وما إلى ذلك كثيرا.
ومع تطور العصور والزمان اندمجت المفردات العربية في المفردات الإندونيسية اندماجا طبيعيا لا يكاد يعرف الناس أن تلك المفردات الإندونيسية تأتي من اللغة العربية. ومن المفردات العربية ما يتصرف هجاؤه ومعناه بعد الاندماج. وسيأتي بيان ذلك فيما بعد.
ومن نتائج البحث العلمي الذي قام به روسيل جونس (Rusel Jones)يُعرف أن 2750 مفردة إندونيسية جاءت من المفردات العربية. بينما كان مجمع البحوث العلمية بجامعة شريف هداية الله الإسلامية الحكومية بجاكرتا اكتشف 2236 مفردة عربية اندمجت في اللغة الإندونيسية (1).
والبحث العلمي الآخر الذي قام به محمد زين في القاموس الإندونيسي لمركز تطوير اللغة الإندونيسية اكتشف أن ثمانية في المائة (8%) أو 2178 مفردة من المفردات الموجودة في ذلك القاموس أتت من اللغة العربية(2).
وفقا لما سبق ذكره استنبطت أن اللغة العربية لها دورها يُذكر في تكوين المصطلحات الإندونيسية الجديدة بوجه خاص وفي تطوير اللغة الإندونيسية بوجه عام.
تصرّف معاني المفردات العربية بعد الاندماج في اللغة الإندونيسية
إن البحث في تصرف معاني المفردات العربية التي دخلت في اللغة الإندونيسية جرى على النظريات اللغوية التي قدّمها اللغويون. فهم قدموا آراء كثيرة مختلفة حول عوامل هذا التصرف اللغوي حيث نستخلصها في أربع نقَط وهي: (1) العوامل اللغوية، (2) العوامل التاريخية، (3) العوامل الاجتماعية، و(4) العوامل السيكولوجية. وفيما يلي تفاصيل ذلك.
(1) العوامل اللغوية
من العوامل التي أدت إلى تصرّف معنى كلمة أو مفردة هو عامل لغوي. ومن التصرفات المعنوية في اللغة العربية الداخلة في اللغة الإندونيسية ما يكون بزيادة أداة معينة مثل banyak, semua,و para . بهذه الزيادة تحوّل معنى الجمع في اللغة العربية إلى معنى المفرد في اللغة الإندونيسية. ونضرب مثلا كلمات ملائكة /malaikat/ وعلماء /ulama/ وحاضرين /hadirin/ وعناصر/anasir/. تلك الكلمات جمع في اللغة العربية. وبعد أن دخلت في اللغة الإندونيسية أصبحت مفردة حتى إذا أردنا أن نجعلها جمعا لابد من زيادة أداة خاصة سالفة الذكر، فأصبحت: para malaikat, semua ulama, banyak hadirin, semua anasir
(2) العوامل التاريخية
كما سلف ذكره أن اندماج اللغة العربية في اللغة الإندونيسية يرتبط ارتباطا قويا بدخول الإسلام وتطوره في إندونيسيا. حيث أن معظم المفردات العربية الداخلة في اللغة الإندونيسية في أول الأمر تتعلق بالمصطلحات الدينية. فكلمات نبيّ، رسول، ملائكة، كتاب، عمل، صدقة، معصية، صلاة، حرام وحلال مثلا هي كلمات عربية متصلة بالمصطلحات الدينية. تصرّف معنى بعض هذه المفردات العربية من معانيها العربية الأصلية إلى معانيها الإندونيسية.
فكلمات كتاب، مدرسة، علماء و عمل مثلا تحولت من معانيها العامة في اللغة العربية إلى معانيها الخاصة بعد أن دخلت في اللغة الإندونيسية. فكلمة كتاب في اللغة الإندونيسية معناها الكتب الدينية/kitab، ومدرسة معناها مدرسة خاصة للعلوم الدينية/madrasah، وعلماء في الإندونيسية كلمة مفردة معناها رجل ذو معارف دينية واسعة/ulama، وكلمة عمل معناها عمل صالح يجزي الله صاحبه/amal. وفيما يلي أمثلة أخرى لذلك.
جدول معاني المفردات العربية بعد تصرّفها إلى اللغة الإندونيسية
المعنى الإندونيسي
المعنى العربي
المفردات
مدرسة خاصة للعلوم الدينية
مكان الدرس والعلم
مدرسة
رجل كثير العلم الديني (مفرد)
رجال ذووا علم ومعرفة
علماء
قائمة
كراسة
دفتر
نوع من الشعر المقفّى
قارض الشعر
شاعر
التاريخ
نوع من النباتات
شجرة
مائة عام
دهر
أَبَد
(3) العوامل الاجتماعية
هناك ميول اجتماعية أدّت إلى تحوّل معنى كلمة معينة. هذه الميول نوعان هما التخصيص و التعميم. التخصيص هو استعمال كلمة ذات معنى عام لأغراض خاصة. فيكون في التخصيص تضييق معنى كلمة. ومثال ذلك كلمة "معلم" و "مدرسة" و"عمل" كما سلف ذكرها. كلمة المعلم العربية معناها العام هو مدرس. وبعد أن دخلت في اللغة الإندونيسية تحوّل معناها وتضيّق إلى معنى خاص وهو ربان السفينة أو قبطان السفينة/kapten. وكلمة "مدرسة" العربية معناها مكان الدرس والعلم. وتغير معناها واقتصر على معناها الخاص وهو مدرسة خاصة للعلوم الدينية/madrasah بعد أن دخلت في اللغة الإندونيسية. وكلمة "عَمَل" العربية معناها فِعْل. وبعد أن دخلت في اللغة الإندونيسية تصرّف هذا المعنى واختصر على معناها الخاص وهو عمل صالح يجزي الله صاحبه/amal.
وأما التعميم فهو استعمال كلمة ذات معنى خاص لأغراض عامة، ويكون فيه توسيع معنى الكلمة. ومثال ذلك كلمة دفتر، حيث أنها في اللغة العربية معناها كراسة. وبعد أن اندمجت في اللغة الإندونيسية تصرف هذا المعنى الخاص وتوسّع إلى معانيها العامة وهي تسجيلات كل شيء أو قائمات كل شيء/daftar مثل قائمة الأسماء أو قائمة الأطعمة وهكذا.
العوامل السيكولوجية
ومن العوامل السيكولوجية التي أدت إلى تغيُّر معنى كلمة هو وجود سوء فهم المسموع أو سوء فهم المقروء بين الناس. ويكون سوء الفهم هذا في أول الأمر أن يسمع أحد لأول مرة تعبيرا أو قولا لا يفهمه ويحاول إلى فهم معناه. فقد أصاب في فهم المعنى أحيانا وقد يكون يخطئ أحيانا أخرى. وإذا كان أخطأَ في الفهم ونشر هذه الأخطاء بين الناس عن طريق تبادل الكلام أو التدريس مثلا، فسوف تشيع الأخطاء بينهم ولا يشعرون بأنهم أخطئوا في الفهم. فاتخذوا الأخطاء صحيحة وبذلك تحوَّل المعنى أخيرا.
وتصرُّف معنى الكلمات مثل ما سبق ذكره يكون في اللغة العربية بعد أن دخلت في اللغة الإندونيسية. ونضرب مثلا كلمات "شاعر"/syair و"كلية"/kuliah و"جلد"/jilid .
كلمة "شاعر" العربية معناها قائل الشعر(1) أو قارضه. وبعد أن دخلت في اللغة الإندونيسية أصبح معناها شِعرا مسجّعا/syair. وكلمة "كلية" العربية معناها مدرسة عالية تعلِّم مختلف العلوم(2). وبعد أن دخلت في اللغة الإندونيسية تحوّل معناها إلى "التعلّم في الجامعة"/kuliah.
وأما كلمة "جِلد" العربية فمعناها غشاء جسد الحيوان وقيل: جلّد الكتاب أي ألبسه الجلدَ (3). وفي اللغة الإندونيسية تحوّل هذا المعنى إلى معنيين: أولا، جمع القراطيس أو المطبوعات وإلباسها بالغلاف/menjilid وثانيا، بمعني المجلد أو الجزء/jilid.
الخاتمة
وبعد، فأحمد الله تعالى وأشكره أن وفّقني لإتمام هذا الموضوع. وأهم النتائج التي توصلت إليها منه أجملها فيما يلي.
(1) إن اللغة العربية والقرآن الكريم شيئان متلازمان بمثابة الجسد والروح. فالقرآن روح للغة
العربية. وإن التلازم بينهما أمر محقق لا مفر منه.
(2) إن بين العربية والعقيدة الإسلامية ارتباطا وثيقا لا يماثله ترابط آخر في أيٍّ من المجتمعات الأخرى، القديمة منها والمعاصرة. لذلك فإن العناية بالعربية وتعليمها إنما هما استكمال لمقوّم من مقوّمات العقيدة الإسلامية.
(2) إن إندونيسيا أكثر بلاد العالم مسلما. ويرجع تاريخ اللغة العربية فيها إلى العصور الأولى من دخول الإسلام في هذه البلاد المسلمة، وذلك بين القرن السابع والثامن الميلادي. فقد بلغت اللغة العربية بإندونيسيا حتى الآن الحادية عشرة قرنا من العمر. والمسلمون فيها اليوم يتعلمون اللغة العربية لأغراض دينية ومهنية.
(3) تتنوّع أنواع تعليم اللغة العربية بإندونيسيا تنوعا كثيرا حسب الغرض. فمنها تعليم اللغة العربية لفظيا وذلك لتعليم قراءة القرآن وأدعية الصلاة، والتعليم لتفهيم العلوم الإسلامية وتعميقها، والتعليم لإكساب الدارسين مهارة الكلام والكتابة، وتعليم اللغة العربية في المدارس التابعة لوزارة التربية القومية، والتعليم للأغراض التأهيلية والمهنية في الجامعات والمعاهد العليا، وتعليم اللغة العربية للأغراض الخاصة الذي قامت به المعاهد المسائية.
(4) كانت اللغة العربية منذ زمن بعيد لغة التعبير للكيمياء والجبر والطب والفلسفة والفلق. وللغة العربية مساهمتها العظيمة في تكوين المصطلحات للغات الأجنبية وحتى اللغة الإنجليزية. وإن العلاقة بين اللغة الإندونيسية واللغة العربية جرت منذ أمد بعيد عندما كانت اللغة الإندونيسية معروفة باللغة الملايووية. وكانت اللغة العربية دخلت في اللغة الملايووية/الإندونيسية عن طريق المصطلحات الدينية التي استعملها تجارالعرب والفرس. هناك عوامل كثيرة لغويةً كانت أم اجتماعيةً أدّت إلى تكوين مفردات اللغة الإندونيسية الجديدة.
هذا ما توصلت إليه من نتائج البحث بما فيها من دور اللغة العربية في تكوين مفردات اللغة الإندونيسية. والرجاء من اخوتي القراء الأعزاء حسن الاستفادة منها، سائلين المولى أن يسدد خطانا ويوفقنا للعمل فيما يحبه يرضيه، إنه ولي التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحابه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
(1) خريج كلية الآداب التابعة للجامعة الإسلامية الحكومية سونان كاليجاجغا جوكجاكرتا، والآن مدرس اللغة العربية بقسم الأدب العربي بكلية الآداب بجامعة مالانج الحكومية، جاوى الشرقية، إندونيسيا.
(2) سورة يوسف، الآية 8.
(3) سورة فصلت، الآية 3.
(4) سورة الشعراء، الآية 193-195.
(شمس الهادي، اللغة العربية وتراث الأدب الإسلامي بإندونيسيا، مقالة نشرت باللغة الإندونيسية في دوريات "يومانِيورا"، أصدرها قسم الأدب العربي بجامعة غاجاه مادا، 1995م.
(الأرخبيل، نشرة إخبارية ثقافية يصدرها معهد العلوم الإسلامية والعربية في إندونيسيا، العدد العاشر، شعبان 1421هـ/نوفمبر 2000م، ص: 14.
(1) مرسومات الندوة عن سياسة اللغة القومية، مركز اللغة الإندونيسية، سنة 1999م، ص: 4.
(2) المصدر السابق، ص: 7.
(3) أحمد فؤاد أفندي، خريطة تعليم اللغة العربية بإندونيسيا، مقالة نشرت في دوريات "اللغة والفنون الجميلة"،
أصدرتها كلية الآداب، بجامعة مالانج الحكومية، 2001م، ص: 409.
(1) المصدر السابق، ص: 410.
(1) إحصائيات وزارة الشؤون الدينية سنة 1990م
(عبد الشكور غزالي، مساهمة اللغة العربية في تكوين المصطلحات العلمية الإندونيسية، ورقة عمل مكتوبة باللغة الإندونيسية مقدمة إلى الندوة القومية للغة العربية بمدينة مالانج إندونيسيا، عام 1999م، ص: 4.
(2) المصدر السابق، نفس الصفحة
(1) مارشيلينو، الكلمات الأجنبية المستعارة في الصحافة الإندونيسية، مقالة منشورة في الدوريات "كريتيس"
أصدرتها جامعة كاتوليكية "ستياواشانا" سمارانج، 1999م.
(1) بادودو، آفاق اللغة الإندونيسية، جاكرتا، "غراميديا" 1992م، ص: 129
(2) مارشيلينو، المصدر السابق.
(1) أمْزير، تصرّف معاني المفردات العربية الداخلة في اللغة الإندونيسية، مقالة نشرت في دوريات "نادي اللغة العربية" أصدرها قسم الأدب العربي بجامعة مالانج الحكومية، 1994م، ص: 16.
(2) أمزير، المصدر السابق.
(
(1) المعلوف، المنجد في اللغة والأعلام، دار المشسرق، بيروت، 1986م، ص: 391
(2) المصدر السابق، ص: 693
(3) المصدر السابق، ص: 96

Tidak ada komentar: